لاشيء عندنا سوى كرة القدم... مسرتنا.. ومجمع أضدادنا... و أصل حديثنا... لايكاد يخلو منها مكان ، والسبب واضح لا غموض فيه...فلا يتعلق الأمر بالتعاقدات القياسية... ولا بالمحترفين الذين ضاق بهم ملعب التمرين ولا بتألق الفرق الكبيرة..
بل هما شيئان في نظري..
الأول : هو هذا ( الكساد ) المميت في شوارعنا الطويلة... فأنتم ترون أن لاشيء يثير الاهتمام في بلادنا و لا حتى مجرد المشي في طرقاتها....
مجدداً لأمر ليس له علاقة إطلاقا بالمباني و الساحات... و لا هو مرتبط بالنظافة... و الحاويات وشكل الشوارع و السيارات.. المقصود هو أن مدينتنا تخلو من ( الحراك ) الثقافي و الترفيهي بالمعنى الحقيقي للحراك و التفاعل و التطور و الاجتماعي..
فنشاطاتنا إن لم تأت مصادفة فهي في غالب الأمر تولد ولادة ( قيصرية ) تتبعها ديون لا تسدد و عهود لا يُوفى بها ووعود في الهواء... ثم يعم الكساد..
أما ترفيهنا فمفقود معدوم... لا يصل إلى مستوى لعب الأطفال
ولأنني من هذه البلاد فأنا مهتم أيضا بكرة القدم و أعتقد كغيري أن من يظهر عدم الاهتمام هو إنسان يواجه مشكلة و يحتاج إلى مساعدة.. ليس لعدم اهتمامه بل لأنه لا يجد ملجأ آخر يقيه من الموت ( كمداً ) كما تفعل كرة القدم... وهنا يتبين لنا السبب الثاني.
فالجميع هنا يجلس على مدرجات صلبة و باردة...
ويرى أرضية أقرب إلى الأرض المحروثة... ويشاهد مستوىً غالبه متوسط الأداء...
و على الرغم من ذلك يحقق حضوراً قياسياً مقارنة بغيره..
من اجل ذلك جعلنا من (كرة قدم بسيطة و صغيره)... قضية مركزية... وصار ذهاب لاعب و مجيء آخر.. مسألة قابلة للنقاش والأخذ والرد والمعاندة و الخلاف... ليس لأهمية اللاعب في شخصه و مهاراته... بل لما يمثله هذا اللاعب من قيمة في مسلسل اهتمامنا الوحيد...
و لا يخلو الأمر من بعض الخلط فيما نشاهده و نهتم به...
هل هي لعبة حقاً أم طوق نجاة يمنحنا الحياة و يبعد عنا الاختناق...؟
هل هي لعبة بسيطة في قوانينها أم حرب تكتيكات وخلاف أراء ؟
وهل ما نشاهده من مباريات يعكس مهارة و أداء ؟ أم هي طريقة نتخذها لنعلن للجميع آراءنا الناقدة و خططنا المستقبلية...
كل ذلك لنجد ما نتحدث عنه في هذه البلاد النائمة في أحضان الكساد...