تنتشر في شوارع المدن المغربية قبيل عيد الأضحى ملصقات إعلانية كبيرة[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة] لقروض من نوعخاص، يصفها أصحابها بـ"المُغرية"، تتوجه إلى الموظفين الذين يرغبون بشراء أضحية العيد، عبر قروض خاصة، يمتد تسديدها على سنتين، بفائدة ربوية تتراوح بين 10 و15%. وهو ما يصفه أعضاء رابطة علماء المغرب بأنه مخالف للشرعوتستغل شركات التسليف بالمغرب حاجة الأسر المتوسطة والفقيرة لشراء أضحية العيد، من خلال تحديد مبلغ القرض مثلا بـ 5 آلاف درهم مغربي (أي ما يوازي 500 يورو)، يمتد تسديدها طيلة سنتين، بفائدة يمكن أن تصل إلى 15%. وأحيانا لا تحدد النسبة الربوية على القروض، لتترك ذلك إلى حين الاتصال المباشر بينها وبين الزبون، كطريقة جديدة من فن "التسويق" لجلب الناس إليها.
ويرتفع عدد من اللوحات الإعلانية في الشوارع الرئيسية بالعاصمة المغربية، تحمل صورا لكباش، حيث تتبارى شركات الإعلان في عرض صور متباينة للكباش لجذب الزبائن.
وتؤكد وكالات البريد في المغرب أن بعض البنوك ومؤسسات القروض، تستخدم شبكتها البريدية لتقديم عروض خاصة على أنها "وصفة عيد الأضحى'' لهذا العام
ويوضح الإعلامي المهتم بالشأن الديني عبدلاوي لخلافة، أن المنافسة بين الشركات التي تمنح قروض الأضحية بلغت حدا جعلها تعرض "هدايا" للمقترضين عبارة عن سحب بالقرعة على سيارة أو ثلاجات أو أجهزة منزلية أخرى.
ويضيف: "هناك مثلا إعلان فيه صورة كبش قوي يحمل سكينا ويحاول ذبح رجل، وهي إشارة إلى حالة الكفاف التي يصلها الموظفون الصغار خلال العيد والذين يواجهون صعوبات في شراء أضحية العيد ومتطلباته الأخرى. كما توجد لوحة دعائية أخرى رُسمت عليها صورة كبش أنيق بقرنين طويلين ووجه أبيض وعينين سوداوين وفم أحيط بالسواد، وهي صفات كبش "الصردي"، أو "ملك الكباش" كما يطلق المغاربة على الكبش الأكثر اكتمالا.
ويردف: رغم تنوع أسلوب الدعاية من شركة لأخرى، إلا أن أغلب شركات القروض تعتمد الأسلوب نفسه في التعامل، وتقدم عروضا متشابهة، مع بعض الاختلافات البسيطة في الإجراءات الإدارية المطلوبة للحصول على القرض".
ويشير عضو رابطة علماء المغرب عبد الله بوغوتة إلى أن عددا من المغاربة أصبحوا يعتبرون الأضحية من أوجب الواجبات، وأخذوا يكلفون أنفسهم أكثر مما يطيقون في هذا الأمر، وقد يلجأون إلى قروض ربوية أو يبيعون بعضا من أثاث المنزل أو الاقتراض، مع العلم بعدم القدرة على السداد في الوقت المحدد إلى غير ذلك مما نراه أو نسمعه، رغم أن الأضحية سنّة عين مؤكدة".
ويستطرد بوغوتة "إن ما يقوم به بعض الناس مخالف للشرع الحنيف والسنة النبوية وعمل السلف الصالح"، موضحا أن "الأضحية لا تسنّ لفقير لا يملك قوت عامه، ويحتاج إلى ثمنها في ضرورياته من تطبيب أو قوت عيال وكسوتهم وغير ذلك مما يتعبر من الضروريات".
وذكر الداعية المغربي لما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم حين ذبح كبشا وقال: "بسم الله والله أكبر، اللهم هذا عني وعمّن لم يضح من أمتي"، وهذا يعني أن الرسول الكريم رفع التكليف عمن لم يستطع من أمته.
ودعا بوغوتة إلى إحياء مظاهر التكافل الاجتماعي والتراحم، بالتصدق من لحم الأضحية عوضا عن تلك الظاهر السلبية المتفشية في المجتمع المغربي
وتنتشر ظاهرة بيع الأثاث المنزلي في أسواق البضائع القديمة والمستعملة قبل عيد الأضحى، عكس الأيام العادية من طرف الفقراء، الذين يسعون تحت ضغوطات الحياة إلى اقتناء الأضحية مهما كلفهم الأمر، وهناك من المشترين من يغتنم هذه الفرصة بالذات لشراء ما يحتاجه من الأثاث المعروض بثمن بخس.
ويؤكد رئيس جمعية فقه النوازل بالمغرب الشيخ عبد الباري الزمزمي أن مثل هذا السلوك هو بحكم العادة وليس الشرع، باعتبار العادة أكبر من حكم الشرع الذي جعل الأضحية تطوعا، ومن أراد أن يلبي رغبة أولاده ببيع ما زاد عنده من الأثاث فلا نقول له إنه حرام، ولكن الشرط هو الابتعاد عن الحرام".
كما تقوم بعض الأسر في المغرب بممارسات غريبة تنم عن تجذر معتقدات بتأثير قوى غيبية، مثل غمس اليد في دماء الأضحية ثم طبعها على الجدران أو شربها، اعتقاداً بأن الدماء لها القدرة على منع الحسد، وهناك من يعمد إلى شرب أولى قطرات هذا الدم، ومنهم من يسارع إلى تجميع كميات من الدم في إزار أبيض ليلتحف به من يشكو مسّاً.
ويرمي آخرون الملح أثناء الذبح عند حافة المصارف، اعتقادا منهم أن ذلك سيطرد الجن، أو يملأون بالملح فم الخروف، أو يضعون الحناء على جبهة الخروف.
وتقوم بعض النساء صباح يوم العيد، بعد ذبح الأضحية، بالاحتفاظ بمرارة الكبش لاعتقادهن أنها تشفي من بعض الأمراض، وكذا نثر الملح أثناء انسياب دماء الأضحية وقت الذبح